تقاريرتقنية

من روبوتاكسي إلى السيارات الكهربائية: ثورة النقل الذكي في 2025

يشهد قطاع النقل في عام 2025 تحولًا جذريًا غير مسبوق، تقوده التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، من خلال التوسع في السيارات الكهربائية، وتفعيل خدمات التاكسي الذاتي أو ما يُعرف بـ”روبوتاكسي”، وتطوير البنية التحتية للمدن الذكية. الشركات الكبرى مثل تسلا، وأبل، ووايمو، تتسابق في تقديم حلول تقلل من الانبعاثات وتوفر تجربة تنقل آمنة وفعالة، بينما تستعد الحكومات لمواكبة هذا التغيير الجذري في شكل النقل الحضري.

من أبرز معالم هذا التحول إطلاق شركة تسلا لخدمة روبوتاكسي في مدينة أوستن بولاية تكساس، كأول تجربة تجريبية موسّعة للقيادة الذاتية التجارية في الولايات المتحدة. الخدمة تعتمد على سيارات Tesla Model Y مجهزة بنظام FSD – القيادة الذاتية الكاملة – وتقوم بنقل الركاب دون تدخل بشري فعلي، سوى وجود مراقب أمان في المقعد الأمامي للتدخل في الحالات الطارئة. وتُعد هذه الخطوة مفصلية في نقل سيارات القيادة الذاتية من المختبرات إلى الشارع، ما يفتح الباب واسعًا لتطبيق التجربة في مدن كبرى أخرى مثل سان فرانسيسكو ونيويورك.

في السياق ذاته، أعلنت شركة وايمو التابعة لغوغل توسيع نطاق تشغيل سياراتها ذاتية القيادة في كاليفورنيا وأريزونا، مع خطط لنشر أكثر من 1000 مركبة بنهاية 2025. وتعمل الشركة بتقنية تعتمد على LIDAR والرادار والذكاء الاصطناعي الفوري لتحليل البيئة واتخاذ قرارات آلية دقيقة، وقد لاقت استحسانًا واسعًا بسبب تقارير السلامة المرتفعة مقارنة بالمركبات التقليدية.

أما من ناحية السيارات الكهربائية، فتُظهر البيانات الصادرة عن الوكالة الدولية للطاقة أن نسبة مبيعات السيارات الكهربائية عالميًا وصلت إلى 23% من إجمالي المبيعات خلال النصف الأول من 2025، مقارنة بـ15% في عام 2023. الصين لا تزال تتصدر القائمة، تليها أوروبا، ثم الولايات المتحدة. وقد ساهمت الحوافز الضريبية وخطط الاستبدال، إضافة إلى وعي المستهلكين البيئي، في تسريع التحوّل.

شركة BYD الصينية، على سبيل المثال، أصبحت خلال 2025 ثاني أكبر مصنع للسيارات الكهربائية بعد تسلا، وتُنافسها بشراسة في أسواق آسيا وأوروبا. كما دخلت السوق السعودي والمصري من خلال شراكات محلية لتركيب محطات شحن وتوطين بعض خطوط التجميع، وهو ما يشير إلى توجه عالمي لدعم هذه الصناعة في الأسواق الناشئة.

البنية التحتية بدورها تشهد تطورًا موازيًا، إذ تعهدت عدة حكومات، من بينها ألمانيا وكندا وكوريا الجنوبية، بزيادة عدد محطات الشحن السريع بنسبة 150% بحلول نهاية العام. في مصر، أعلنت وزارة الكهرباء عن تخصيص 200 مليون جنيه لإنشاء 500 محطة شحن جديدة في المدن الكبرى والطرق السريعة، ضمن خطة متكاملة للتحول الأخضر.

رغم هذه الإنجازات، لا تزال هناك تحديات تعرقل المسار الكامل نحو النقل الذكي. أبرزها نقص سعة الشبكة الكهربائية في بعض الدول، وارتفاع أسعار السيارات الكهربائية مقارنة بالسيارات التقليدية، إضافة إلى القلق بشأن أمان القيادة الذاتية بعد وقوع عدة حوادث في الولايات المتحدة بسبب خلل في أنظمة التحكم.

المخاوف المتعلقة بالخصوصية وأمان البيانات تعتبر أيضًا من أبرز التحديات. إذ أن السيارات الذكية تعتمد على جمع كميات ضخمة من بيانات الموقع والسرعة والتفضيلات، مما يثير تساؤلات قانونية حول من يملك تلك البيانات وكيف تُستخدم. وبدأ الاتحاد الأوروبي بوضع تشريعات تُجبر الشركات على توضيح طريقة معالجة بيانات المستخدمين في هذه المركبات.

من جهة أخرى، تزداد أهمية دمج الذكاء الاصطناعي في نظام المرور. ففي دبي، بدأت شرطة المرور باستخدام أنظمة ذكاء اصطناعي لتوجيه حركة السير وتنظيم الإشارات الضوئية بناءً على تحليل لحظي لحركة السيارات. وفي اليابان، تُختبر سيارات أجرة ذاتية القيادة بالكامل في طوكيو قبل أولمبياد 2030، ما يبرهن على أن النقل الذكي لم يعد رفاهية بل ضرورة تكنولوجية.

يتوقع أن يشهد عام 2026 دخول لاعبين جدد إلى ساحة النقل الذكي، على رأسهم شركة أبل التي تُطوّر منذ سنوات مشروع “Apple Car”، وسط تكتم شديد. ويرجّح خبراء أن يكون النموذج الأولي كهربائيًا بالكامل، وذا تصميم داخلي بدون عجلة قيادة، اعتمادًا كليًا على الذكاء الاصطناعي والتحكم الصوتي. وإذا تحقق ذلك، فسيعيد تشكيل المنافسة بشكل دراماتيكي.

في المقابل، تسعى شركات النفط التقليدية إلى مجاراة هذا التحوّل عبر الاستثمار في مشروعات الشحن الكهربائي ومبادرات الطاقة النظيفة، كما تفعل شركة أرامكو السعودية من خلال شركتها الفرعية “Aramco Ventures” التي دخلت في استثمارات مباشرة مع شركات سيارات كهربائية ناشئة.

في الخلاصة، بات النقل الذكي في 2025 أكثر من مجرد اتجاه، بل أصبح واقعًا يتحرّك بسرعة نحو تعميم التجربة، سواء عبر السيارات الكهربائية أو الروبوتاكسي أو أنظمة المرور الذكية. ومع استمرار الابتكار والدعم الحكومي، من المرجح أن تُصبح هذه التكنولوجيا جزءًا لا يتجزأ من حياة الملايين في غضون سنوات قليلة.

زر الذهاب إلى الأعلى