الذكاء الاصطناعي المولّد يغيّر قواعد اللعبة: من ChatGPT إلى Claude 3.5

شهد العالم خلال السنوات القليلة الماضية طفرة غير مسبوقة في تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، تحديدًا في ما يُعرف بـ”الذكاء الاصطناعي المولّد” أو Generative AI، الذي يتجاوز الأتمتة البسيطة ليُنتج نصوصًا، صورًا، أكوادًا، وحتى مقاطع فيديو تحاكي الإبداع البشري.
ومع تطور نماذج مثل GPT-4o من OpenAI وClaude 3.5 من Anthropic، بدأت شركات التقنية الكبرى في إعادة تشكيل استراتيجياتها، بينما بات المستخدم العادي قادرًا على إنجاز مهام معقّدة بكفاءة غير مسبوقة. فما هو جوهر هذا التحوّل؟ وكيف يؤثّر علينا جميعًا؟
ما هو الذكاء الاصطناعي المولّد؟
الذكاء الاصطناعي المولّد هو نمط من الذكاء الاصطناعي قادر على إنتاج مخرجات جديدة من نصوص وأكواد وصور وفيديوهات بناءً على بيانات التدريب التي حصل عليها. بخلاف الأنظمة القديمة التي كانت تعتمد على قواعد جامدة، فإن هذه النماذج تتعلّم من ملايين (بل مليارات) من الأمثلة لتقديم محتوى أصلي ومتنوع.
أشهر أشكاله اليوم تشمل:
-
ChatGPT من OpenAI
-
Claude من Anthropic
-
Gemini (سابقًا Bard) من Google
-
Copilot من Microsoft
OpenAI وGPT-4o: السرعة والدقة في قالب مجاني
أعلنت OpenAI في مايو 2025 عن إطلاق نموذجها الجديد GPT-4o (الحرف “o” يرمز إلى “omni”)، وهو النموذج الأحدث بعد GPT-4، ويتميز بالتالي:
-
القدرة على الفهم الصوتي والصوري والكتابي في نفس الوقت.
-
دعم لغات متعددة بينها العربية بدقة غير مسبوقة.
-
سرعة استجابة أعلى بـ2x من GPT-4.
-
توافره مجانًا لملايين المستخدمين في نسخة ChatGPT الجديدة.
الجديد أن النموذج يستطيع “الاستماع” و”الرد” صوتيًا على المستخدم، مما يمنح تجربة تفاعلية تشبه التحدّث مع إنسان حقيقي.
Claude 3.5 من Anthropic: منافس جاد بذكاء أكبر
طرحت شركة Anthropic نموذجها الجديد Claude 3.5 في يونيو 2025، والذي تم تدريبه ليتفوق في مجالات متعددة، منها:
-
البرمجة: يكتب كودًا نظيفًا ويفهم التعليمات البرمجية المعقدة.
-
الأمان: مفلتر بدرجة كبيرة ضد المحتوى الضار أو التضليل.
-
الفهم العميق: يبرع في تحليل المستندات الطويلة والملفات التقنية.
بعض المراجعين وصفوه بأنه “الأكثر عقلانية ووضوحًا” في الردود، ويُنظر إليه كمنافس حقيقي لـ GPT-4o، خاصة في تطبيقات المؤسسات.
الاستخدامات العملية
بات الذكاء الاصطناعي المولّد جزءًا من روتين الملايين حول العالم، ويُستخدم في:
-
إنتاج المحتوى: كتابة مقالات، تغريدات، وصف منتجات.
-
البرمجة: توليد كود برمجي، تصحيح الأخطاء، تعليم لغات برمجة.
-
الدعم الفني: الإجابة على استفسارات العملاء 24/7.
-
التعليم: شرح المفاهيم، إعداد اختبارات، الترجمة.
-
التصميم: توليد صور وشعارات باستخدام أدوات مثل DALL-E وMidjourney.
هل يحل محل الإنسان؟
يخشى البعض من أن هذه النماذج ستؤدي إلى فقدان وظائف، خاصة في مجالات مثل الكتابة والترجمة والدعم الفني. لكن في المقابل، يشير خبراء إلى أن الذكاء الاصطناعي سيخلق وظائف جديدة تعتمد على الإشراف، إدارة النماذج، وضبط المحتوى، إضافة إلى توفير الوقت لمهام أكثر استراتيجية.
تحديات تقنية وأخلاقية
رغم الطفرة، لا تزال هناك تحديات خطيرة أمام الذكاء الاصطناعي المولّد:
-
الموثوقية: أحيانًا يقدم معلومات خاطئة أو غير دقيقة.
-
التحيّز: بعض النماذج تُظهر تحيّزات بناءً على بيانات التدريب.
-
الأمان: إمكانية استخدامه في التضليل، الاحتيال، أو إنتاج محتوى مزيّف.
-
الخصوصية: تخوّف من تسريب معلومات المستخدمين أو بيانات حساسة.
ولهذا تسعى الحكومات حاليًا إلى سن قوانين تحكم هذا النوع من الذكاء.
مستقبل الذكاء الاصطناعي المولّد
تشير الدراسات إلى أن هذا المجال سينمو بنحو 35% سنويًا، ليصل إلى أكثر من 100 مليار دولار بحلول 2030. كما أن:
-
الشركات الناشئة تتسابق في تطوير واجهات أبسط ونتائج أسرع.
-
تطبيقات الهاتف الذكي ستعتمد عليه أكثر في مساعدات صوتية ونصية.
-
التعليم العالي سيتبنى أدوات توليد المحتوى لتحسين العملية التعليمية.
-
الدول ستتجه إلى نماذج محلية لحماية بياناتها وتقليل الاعتماد على الغرب.