عمليات التجميل بين المراهقين: هوس جديد أم أزمة نفسية متفاقمة؟
في السنوات الأخيرة، شهد العالم وخاصة المجتمعات العربية ازديادًا ملحوظًا في عمليات التجميل بين فئة المراهقين، وهو ما أثار جدلاً واسعًا بين المختصين، الأهالي، والصيادفة. فهل هذا مجرد توجه جديد يعبر عن حرية المراهقين في اختيار مظهرهم، أم أنه مؤشر على أزمة نفسية واجتماعية متفاقمة تستدعي تدخلًا عاجلاً؟
يعود هذا الاتجاه المتزايد إلى عدة عوامل متشابكة، أهمها تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، الاندفاع نحو المثالية الجسدية، والرغبة في تحسين الثقة بالنفس، خصوصًا بين الفتيات والشباب في سن المراهقة.
التأثير الكبير لوسائل التواصل الاجتماعي
تعتبر منصات مثل تيك توك، إنستغرام، وسناب شات من أبرز المحركات التي تدفع المراهقين نحو الرغبة في التجميل. حيث تروج هذه المنصات لمقاييس جمال محددة، تركز على البشرة النقية، الشفاه الممتلئة، والملامح النحيلة. المراهقون، الذين ما زالوا في مرحلة بناء الهوية، يتأثرون بشدة بهذه الصور المثالية، مما يدفعهم أحيانًا إلى التفكير في تغيير ملامحهم عبر العمليات التجميلية.
الدراسات تشير إلى أن المراهقين الذين يقضون وقتًا طويلًا على هذه المنصات أكثر عرضة للشعور بعدم الرضا عن أجسادهم، وبالتالي يلجأون إلى الحلول الجراحية أو غير الجراحية.
أبرز أنواع عمليات التجميل التي يطلبها المراهقون
تشمل عمليات التجميل بين المراهقين مجموعة متنوعة من الإجراءات، منها:
-
حقن الفيلر والشفاه لتكبير الحجم.
-
تصغير أو تكبير الأنف (عملية تجميل الأنف).
-
شد الوجه أو إزالة الحبوب وآثارها.
-
تجميل الأذنين البارزتين.
-
حقن البوتوكس لمنع التجاعيد المبكرة.
وتتميز هذه العمليات عادة بكونها أقل تعقيدًا مقارنة بعمليات التجميل عند البالغين، لكنها لا تخلو من مخاطر صحية ونفسية.
المخاطر النفسية والصحية
تشير الأبحاث إلى أن العديد من المراهقين الذين يخضعون لعمليات التجميل يعانون في الواقع من اضطرابات نفسية مثل اضطراب تشوه الجسم (BDD)، وهو حالة تجعل الشخص مهووسًا بعيوب جسدية غير موجودة أو طفيفة.
كما أن الخضوع لعمليات التجميل في سن المراهقة قد يؤدي إلى مضاعفات صحية مثل العدوى، ردود فعل تحسسية، والتأثير على النمو الطبيعي للوجه، لا سيما إذا تم الإجراء في مراكز غير معتمدة أو من قبل أطباء غير مختصين.
الدور الحيوي للأهل والمجتمع
ينصح الخبراء الأهالي بالانتباه إلى علامات الرغبة المتكررة لدى أبنائهم في تغيير مظهرهم بشكل جذري، ومحاولة فتح حوار صريح معهم عن أسباب هذا التوجه. دعم الصحة النفسية للمراهقين، وتشجيعهم على قبول الذات، يمكن أن يقلل من هوس عمليات التجميل.
كما يجب على المدارس والمؤسسات التعليمية أن تقدم برامج توعوية حول جمال التنوع وقبول الذات، وأن تشرح مخاطر التجميل غير المبرر، خصوصًا في هذه الفئة العمرية الحساسة.
تدخلات الجهات الصحية والقانونية
بعض الدول بدأت تضع قيودًا على إجراء عمليات التجميل للمراهقين، حيث يشترط موافقة الوالدين، تقييم نفسي قبل الإجراء، وعدم السماح بإجراء عمليات خطيرة قبل سن معين. في مصر، ينصح الأطباء بضرورة توخي الحذر، والتعامل مع طلبات المراهقين بحساسية، مع ضرورة إشراك الأهل والأطباء النفسيين.
خلاصة
عمليات التجميل بين المراهقين ظاهرة متنامية تعكس واقعًا مركبًا بين تأثير الإعلام الاجتماعي، ضغوط المجتمع، وأزمات نفسية متزايدة. التصدي لها يتطلب تضافر جهود الأسرة، المدرسة، المجتمع، والجهات الطبية، من أجل حماية أجيال المستقبل من مخاطر صحية ونفسية لا داعي لها.