أنظمة التشغيل تتجدّد: مقارنة بين Windows 12 وmacOS Sequoia في 2025

شهد عام 2025 إطلاقًا مرتقبًا لإصدارين رئيسيين من أنظمة التشغيل، هما Windows 12 من مايكروسوفت وmacOS Sequoia من آبل، وقد أتى كلا النظامين ليعكسا ملامح التحوّل العميق في بنية الحوسبة الحديثة، والتي بات يقودها الذكاء الاصطناعي، والتكامل السحابي، وتجربة الاستخدام السلسة. وتُعد هذه الإصدارات من أبرز نقاط المنافسة في عالم الحواسيب، بين مايكروسوفت المسيطرة على أغلب السوق وآبل التي تتميز بتكامل عتادها وبرمجياتها.
ويندوز 12 يأتي ليعكس رؤية مايكروسوفت الجديدة في الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي داخل النظام، حيث أدمجت الشركة مساعد Copilot AI في كل زاوية من النظام تقريبًا. المساعد الجديد لا يقتصر على الرد على الأوامر، بل يستطيع كتابة نصوص، تلخيص مستندات، إنشاء عروض تقديمية، ومساعدتك في تحليل البيانات داخل Excel وPowerPoint. وقد تم دمج Copilot في شريط المهام بشكل دائم، ويمكنه العمل على مستوى النظام، مثل ضبط الإعدادات، جدولة المهام، والبحث داخل الملفات.
أما macOS Sequoia، فركّز على تحسين تجربة المستخدم من خلال إضافة “Mirror Casting” ذكي يتيح بث محتوى الآيفون إلى الماك بسهولة، بالإضافة إلى تبنّي واجهة مستخدم أكثر مرونة تشبه iPadOS. كما جلبت آبل أخيرًا ميزة النوافذ العائمة (floating windows) وتعدد المهام بصورة أكثر سلاسة، إلى جانب تحسينات كبيرة في الخصوصية وإدارة البطارية. كما تضمّن التحديث إطلاق تطبيق Passwords المنفصل، الذي يسمح بإدارة كلمات المرور بطريقة أكثر أمانًا وتكاملاً.
من حيث التصميم، اتجه Windows 12 إلى واجهة أكثر شفافية وسلاسة، مع رموز جديدة وتكامل عميق مع الحوسبة السحابية لـ Microsoft 365، إضافة إلى شريط مهام مرن قابل للتخصيص بالكامل. في المقابل، حافظ macOS Sequoia على فلسفة التصميم minimal الخاصة بآبل، لكنه قدّم تحسينات على Dock وسرعة التنقل بين النوافذ، بالإضافة إلى تسريع زمن الإقلاع وتقليل استهلاك الذاكرة العشوائية.
الأداء هو أحد أبرز معايير المقارنة بين النظامين. اختبارات الأداء أوضحت أن macOS Sequoia، على أجهزة ماك بمعالجات Apple Silicon M2 وM3، يقدّم أداءً أكثر استقرارًا، خاصة في تحرير الفيديو، البرمجة، والتطبيقات الرسومية. بينما يتفوّق Windows 12 في التوافق مع طيف واسع من الأجهزة والبرامج، ويدعم الآن أكثر من 90% من الألعاب والتطبيقات الشهيرة، ما يجعله الخيار المفضل لمجتمع اللاعبين والمطورين في بيئة Windows.
في جانب الخصوصية، واصلت آبل تفوّقها عبر macOS Sequoia من خلال اعتماد خوارزميات تشفير أقوى، وتقديم تقارير شفافة للمستخدم حول التطبيقات التي تجمع بياناته، بالإضافة إلى نظام حماية كاميرا وميكروفون أكثر صرامة. بينما قدّمت مايكروسوفت تحسنًا ملحوظًا في إدارة الأذونات، لكنها لا تزال عرضة للانتقادات بشأن جمع البيانات، لا سيما مع تشغيل Copilot على السحابة.
من حيث دعم الأجهزة، فإن ويندوز 12 يتطلب معالجًا حديثًا نسبيًا من الجيل الثامن وما فوق، بالإضافة إلى وحدة TPM 2.0، ما يجعل بعض الأجهزة القديمة خارج الدعم. أما macOS Sequoia، فتمتد قائمة أجهزته المدعومة من عام 2019 فصاعدًا، ما يُبقي نسبة أكبر من المستخدمين ضمن التحديث. مع ذلك، تبقى آبل أكثر حزمًا من حيث دعم الأجهزة الجديدة وتوقفها السريع عن دعم الإصدارات القديمة.
عند الحديث عن التكامل مع الأجهزة المحمولة، فإن آبل تحتفظ بالتفوق الواضح بفضل منظومتها المترابطة من iPhone وiPad وMac، والتي تتيح نسخ النصوص بين الأجهزة، استقبال المكالمات، ومزامنة الصور والرسائل بسلاسة. بينما تحاول مايكروسوفت سد هذه الفجوة عبر تطبيق Phone Link الذي تطوّر بشكل كبير في ويندوز 12، ويتيح الآن تلقي إشعارات ورسائل الواتساب والمكالمات من هواتف أندرويد مباشرة على الحاسوب.
أما بالنسبة للمستخدم العربي، فقد أضاف Windows 12 دعمًا موسّعًا للغة العربية، شمل التحسينات اللغوية في Copilot، وإعادة تصميم لوحة المفاتيح الافتراضية، ودعم الإملاء الصوتي باللغة العربية. بينما قدم macOS Sequoia تحسينًا متواضعًا نسبيًا في التعريب، لكنه لا يزال يحتاج إلى دعم أفضل للاتجاه من اليمين لليسار، خصوصًا في تطبيقات مثل Pages وSafari.
الأسعار تختلف بحسب طبيعة النظام، فـ Windows 12 يأتي كتحديث مجاني لمستخدمي Windows 11، أو بنسخة مدفوعة تبدأ من 129 دولارًا عند شراء جهاز جديد، في حين يُتاح macOS Sequoia مجانًا لكل أجهزة Mac المدعومة. ومع ذلك، تظل تكلفة الدخول إلى عالم آبل أعلى، إذ أن أسعار أجهزتها تبدأ من 999 دولارًا، مقارنة بأجهزة ويندوز التي تتوفر بخيارات أوسع وأقل تكلفة.
في المجمل، يمثل Windows 12 قفزة لمايكروسوفت نحو دمج الذكاء الاصطناعي بشكل عملي داخل نظام التشغيل، ما يعزز الإنتاجية بشكل واضح. بينما يركّز macOS Sequoia على تجربة الاستخدام المتكاملة، والأداء العالي على الأجهزة المزودة بشرائح آبل. الخيار بينهما يعتمد على طبيعة المستخدم، واحتياجاته، وميزانيته.
مع اقتراب نهاية 2025، يبدو أن معركة أنظمة التشغيل ستستمر بشكل أكثر حدة، مدفوعة بتقنيات الذكاء الاصطناعي، وتوقعات المستخدمين التي ترتفع باستمرار. وتبقى الحقيقة أن هذا التنافس يصبّ في مصلحة المستخدم النهائي الذي سيستفيد من الابتكار والجودة المتزايدة.