مصرع 19 عاملاً في حادث مروع بالمنوفية يفتح ملف النقل العشوائي مجددًا
لقي 19 شخصًا مصرعهم وأُصيب عدد آخر، غالبيتهم من العمال، في حادث تصادم مروّع وقع فجر الجمعة في مركز أشمون بمحافظة المنوفية، شمال القاهرة، بين سيارة ميكروباص تقلّ عمّالًا وشاحنة نقل ثقيل. وتسبب الحادث في حالة من الحزن العارم على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط دعوات لإصلاح منظومة النقل العشوائي، التي تكررت مأساويا في السنوات الأخيرة.
تفاصيل الحادث
وفقًا لشهود عيان وتحقيقات أولية، فقد وقع التصادم على طريق “أشمون – البتانون” حينما انحرفت شاحنة ثقيلة كانت تسير بسرعة زائدة واصطدمت بمركبة ميكروباص تقلّ 23 عاملة من قرية طهواي، متوجهات إلى أحد مصانع الملابس الجاهزة في مدينة السادات.
وقالت مصادر أمنية إن بعض الضحايا لقين حتفهن في موقع الحادث، بينما توفي أخريات بعد نقلهن إلى المستشفيات متأثرات بإصابات خطيرة في الرأس والصدر. وأكدت التحريات أن أعمار الضحايا تتراوح بين 14 و27 عامًا، وأغلبهن من أسر بسيطة تعتمد على دخل بناتهن الشهري.
استنفار حكومي فوري
وجه الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، بضرورة سرعة تقديم الرعاية الطبية للمصابين، والتعويضات المناسبة لأسر الضحايا. وزار محافظ المنوفية، إبراهيم أبو ليمون، المصابين بمستشفى شبين الكوم التعليمي، مشددًا على ضرورة مراجعة إجراءات ترخيص المركبات التي تُقلّ عمّالًا، خاصة القُصّر، في هذه القرى.
بيان القوى العاملة: 200 ألف جنيه للمتوفي و20 ألفًا للمصاب
أعلنت وزارة القوى العاملة، برئاسة حسن شحاتة، صرف تعويضات عاجلة بقيمة 200 ألف جنيه لكل أسرة متوفى، و20 ألف جنيه لكل مصاب، من صندوق الطوارئ بالوزارة، كما قررت تشكيل لجنة فنية لتقصي الحقائق حول ظروف عمل هؤلاء العاملات وطبيعة التعاقدات مع المصنع المشغل.
وأكد الوزير أن “الوزارة ستتخذ إجراءات قانونية فورية ضد كل من يثبت تورطه في تشغيل قاصرات دون السن القانونية أو بدون تأمينات أو وسائل نقل آمنة”.
إدانة مجتمعية وغضب على وسائل التواصل
اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بعبارات الحزن والانتقاد، وأطلق نشطاء وسومًا مثل #حادث_المنوفية و#بناتنا_في_الخطر، مطالبين بوقف تشغيل الفتيات القاصرات دون تأمينات اجتماعية، وبفرض رقابة صارمة على شركات نقل العمال.
وغردت الناشطة الحقوقية دينا أبو العلا: “بنات عندهم 14 سنة بيركبوا ميكروباصات غير آدمية عشان يشتغلوا بعقد شهري بـ800 جنيه. الحادث ده مش قضاء وقدر، ده نتيجة الإهمال وسكوت الدولة”.
النيابة تفتح تحقيقًا موسعًا
باشرت نيابة أشمون التحقيق، وقررت حبس سائق الشاحنة المتسببة في الحادث 4 أيام على ذمة التحقيقات، بعد ثبوت قيادته بسرعة مفرطة ودون الالتزام بالمسار المروري. كما طالبت بفحص سجلات المصنع المسؤول عن تشغيل الفتيات، ومراجعة إجراءات السلامة والنقل لديه.
مأساة متكررة.. والأرقام لا تكذب
بحسب تقرير الهيئة العامة للطرق والكباري، سجلت مصر في عام 2024 أكثر من 7 آلاف حادث طريق، خلفت قرابة 2500 قتيل. وتشير الدراسات إلى أن نحو 23% من هذه الحوادث وقعت في محافظات الوجه البحري، حيث يعتمد السكان على وسائل نقل جماعية بدائية وغير آمنة.
غياب الرقابة على نقل العمال
يُثار منذ سنوات ملف نقل العمال في المحافظات الريفية، حيث يتم نقلهم في مركبات غير مرخصة أو غير مؤهلة لذلك، وسط غياب شبه تام للرقابة الحكومية. ويزداد الوضع خطورة مع تشغيل القُصّر في بعض المصانع بطرق غير قانونية، ما يعرضهم لمخاطر يومية.
