فن ومشاهير

معتمد عبد الغنى يكتب: انتصار "جودر" فى معركة الخيال ليثير الإعجاب والدهشة

القاهرة: «رأي الأمة»

هل تساءلت يومًا عن سبب انجذابنا إلى قصص ألف ليلة وليلة، رغم معرفتنا بقصة الملك شهريار الذي كان يقتل زوجاته آخر كل ليلة، حتى جاءت شهرزاد بقصصها الخاصة؟ عملية الترويض هذه لم تتغير في تفاصيلها، ومع ذلك لم نكل من متابعة القصص. وبالفعل، عندما توقف إنتاج المسلسلات الجديدة المستوحاة منها، بدأ الناس يطالبون بعودة ألف ليلة وليلة والفوازير أيضاً، لأن الأمر لا يتعلق فقط بالحنين إلى الماضي، كما يعتقد البعض.

على مدى أكثر من 100 عام، كانت حكايات ألف ليلة وليلة تروى في جلسات مسائية خلال شهر رمضان، قبل أن يتم نقلها في الخمسينيات إلى الإذاعة المصرية، وفي الثمانينيات شهدنا أول نسخة مصورة من هذه الحكاية الخيالية. العالمية في مسلسل بطولة نجلاء فتحي وحسين فهمي، تليها حكايات جديدة في السنوات اللاحقة. لكن العائق الذي واجهه صناع هذه الأعمال هو تحدي الخيال.

وفي القرن التاسع عشر، عندما رويت ألف ليلة وليلة في أزقة مصر، أو عندما أذيعت في الإذاعة في القرن العشرين، كان لخيال المستمع دور محوري في تخيل الأحداث. وسمحت له عملية الخيال هذه بالوصول إلى أعلى مستويات الإتقان والرضا عن القصة، لكن مع ظهور التلفزيون تغير الوضع تماما، حيث أصبح الخيال يقتصر على رؤية المخرج وحده، وإذا لم ينجح في خلق قصة الصورة التي تلبي توقعات المشاهد، قد يبتعد الجمهور ويغادر.

ولعل الدليل الأكثر دلالة على ذلك هو صفحات الميمات التي تسخر من خيال الكائنات الفضائية في إحدى قصص ألف ليلة وليلة، أو ذلك البطل الذي ظهرت أجنحته بحيلة وتأثيرات متواضعة. كل هذه الأعمال، رغم جودة الكتابة ومهارة المخرج، كانت تقف في معركة خيال المشاهد دون درع وسيف، لكن مع «جودر» في رمضان 2024، اختلفت المعادلة.

الرهان على مسلسل Godder بدأ منذ البداية، حيث انبهر المشاهدون بسحر عالم ألف ليلة وليلة في الثواني الأولى من العرض.

الدقة في التفاصيل سواء في تصوير سحر الشرق أو في الزخارف والملابس. وفي الوقت نفسه ساهمت الخدع السينمائية والمؤثرات البصرية في إبراز الرسومات بدقة وجودة عالية.

كل مشهد في “جودر” يتطابق مع عين المشاهد التي تبحث عن الصدق في الخيال المتجسد أمامه، وهذه هي صعوبة الأعمال التي يتولى فيها المخرج إسلام خيري عملية الخيال نيابة عن المشاهد. .

ومما زاد من دقة الخدع البصرية والإخراج مستوى الكتابة أيضاً، حيث استخدم المؤلف اللهجة العامية البيضاء ببراعة، مبتعداً عن أسلوب الشاعر الرباب الذي مزج السرد الشعري بالنثر في القصص. وانتقلت هذه الطريقة تدريجياً إلى الإذاعة والتلفزيون، حيث أصبح السجع حاضراً في جميع الجمل. حوارية، هنا تعامل الكاتب أنور عبد المغيث مع النص بمنتهى الجدية، مقدمًا قصة مكتوبة بطريقة قريبة جدًا من الواقع. لا نشعر بأي عائق لغوي مع شخصيتي شهريار وشهرزاد وبطل القصة جودر الصياد. عندما يتحدثون، لا نجد أنفسنا مقيدين بالوزن أو بالقافية.

ومن الذكاء ما فعله الموسيقار شادي مؤنس عندما استخدم الثيمة الشهيرة لتتابع سيمفونية «شهرزاد» للروسي ريمسكي كورساكوف، والتي استوحاها من كتاب ألف ليلة وليلة، وكأنه يحفظ الذاكرة السمعية من المشاهدين الذين ارتبطوا بها، وفي الوقت نفسه عمل على تلحين موسيقى قصة شهريار وشهرزاد. وقطع أخرى من قصة جودر وأسفاره.

وفي النهاية يظل «جودر» متقدمًا في معركة الخيال حتى الآن، معتمدًا على كافة وسائل التكنولوجيا والكتابة والموسيقى وغيرها من العناصر، لأن مبدعي العمل اتبعوا الحرفية في تقديم عمل يحترم خيال المشاهد، ونجحوا في توظيف كل ما سبق ببراعة، لخلق عالم خيالي يلفت الانتباه. ويثير الإعجاب والدهشة.

شاهد المزيد من أخبار مسلسلات رمضان 2024 عبر بوابة رمضان دراما

للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .

مصدر المعلومات والصور: youm7

 

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من رأي الأمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading