أخبار عالمية

زيارة الشرع للكونغرس تشعل الجدل: تحول سياسي أم مجرد تكتيك؟

زيارة الشرع للكونغرس تشعل الجدل: تحول سياسي أم مجرد تكتيك؟

في ظل الجمود السياسي الذي يلف المشهد السوري منذ أكثر من عقد، أعادت تصريحات أحمد الشرع – أحد الشخصيات البارزة في النظام السوري – وزيارته المفاجئة إلى الكونغرس الأمريكي، فتح باب التساؤلات حول ما إذا كانت دمشق تمضي نحو تغيير حقيقي، أم أنها تتحرك وفق استراتيجية تجميلية لامتصاص الضغوط الدولية واستعادة العلاقات تدريجياً دون تقديم تنازلات جوهرية.

تصريحات لافتة تثير الانتباه

في لقاء نادر، صرّح الشرع أن “سوريا بحاجة إلى مصالحة شاملة، تعيد الدولة إلى جميع أبنائها، وتفتح الباب أمام مستقبل جديد يتجاوز سنوات الدم والانقسام”. وأضاف أن “الحل السياسي، لا العسكري، هو المسار الوحيد الممكن”، في تلميحات بدت متوافقة مع قرارات الأمم المتحدة، لكنها قوبلت بتشكيك واسع من المعارضة السورية والناشطين.

وبينما رأى بعض المراقبين في هذه التصريحات محاولة للتقارب مع الغرب وإعادة التموضع السياسي، اعتبرها آخرون مناورة إعلامية، خاصة أن الشرع لا يشغل حاليًا منصبًا رسميًا فاعلاً في الحكومة السورية.

زيارة الكونغرس… خطوة ناعمة أم اختبار أمريكي؟

زيارة الشرع إلى واشنطن ولقاؤه بعدد من أعضاء الكونغرس حملت دلالات متعددة. فبينما وصفتها وسائل إعلام حكومية سورية بأنها “فتح لقناة حوار مع مراكز القرار الأمريكي”، اعتبرها مراقبون بمثابة اختبار نوايا، وليس مؤشرًا على تحول جذري في موقف الولايات المتحدة تجاه النظام السوري.

مسؤول أمريكي مطّلع على اللقاءات، قال لصحيفة واشنطن بوست:

“اللقاءات كانت استكشافية، وتهدف لفهم ما إذا كانت هناك نية حقيقية لدى النظام السوري للانخراط في مسار سياسي فعلي، وليس مجرد مناورة دبلوماسية.”

شكوك المعارضة: لم يتغير شيء في الميدان

في المقابل، أبدت أطياف واسعة من المعارضة السورية تشكيكها في دوافع هذه التحركات، مشيرة إلى أنه لا توجد مؤشرات على الأرض تدعم فكرة التغيير، حيث تستمر الاعتقالات والانتهاكات، وتغيب أي خطوات فعلية نحو الإفراج عن المعتقلين أو تعديل القوانين الأمنية.

وقال المعارض السوري البارز، خالد الخطيب:

“طالما أن أجهزة الأمن ما تزال تسيطر على مفاصل الدولة، فلا حديث عن إصلاح حقيقي. ما يجري هو إعادة تسويق للنظام، لا أكثر.”

السياق الإقليمي والدولي: ضغط أم فرصة؟

تأتي هذه التحركات في وقت يشهد فيه الإقليم إعادة صياغة للعلاقات والتحالفات، لا سيما مع التقارب الخليجي مع دمشق، وإعادة سوريا إلى الجامعة العربية. كما أن تصاعد التوترات الإقليمية، بما في ذلك الحرب في غزة والملف الإيراني، جعلت سوريا جزءًا من معادلة أمنية معقدة.

من جهة أخرى، يعاني النظام السوري من ضغوط اقتصادية خانقة، وعقوبات غربية تعيق أي أفق للتعافي، وهو ما يدفع بعض المحللين للقول إن النظام يحاول فتح نوافذ تفاوضية مع الغرب من بوابة التصريحات السياسية الناعمة.

ختام: اختبار النوايا لا الأقوال

رغم أن تصريحات أحمد الشرع وزيارته للكونغرس شكلت سابقة دبلوماسية مثيرة للانتباه، فإن الحكم على النوايا سيبقى مرهونًا بالأفعال لا الأقوال. فالمجتمع الدولي، كما السوريون في الداخل والخارج، ينتظرون خطوات ملموسة: إفراجات، إصلاحات دستورية، وعدالة انتقالية، وليس فقط جولات علاقات عامة.

ويبقى السؤال مفتوحًا: هل نحن أمام تحول حقيقي في دمشق، أم أن النظام يرتدي قناعًا جديدًا في لعبة قديمة؟


اكتشاف المزيد من رأي الأمة

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من رأي الأمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading