المجاعة تطرق أبواب غزة.. تحذيرات إسرائيلية واتهامات باستخدام الجوع كسلاح

في تحول لافت يعكس حجم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة، بدأت أصوات من داخل إسرائيل نفسها تحذر من مجاعة وشيكة تضرب المدنيين الفلسطينيين، مع استمرار القيود على دخول المساعدات، وتفاقم الأوضاع الإنسانية في القطاع المحاصر منذ أكثر من 7 أشهر.
اعترافات إسرائيلية تكشف المستور
كشفت وسائل إعلام عبرية وتقارير من داخل المؤسسة الأمنية الإسرائيلية عن حالة من القلق المتزايد في الأوساط الرسمية بسبب التدهور الحاد في الأوضاع الغذائية في غزة، خاصة في شمال القطاع، حيث يعاني السكان من نقص حاد في الغذاء والماء والدواء، وسط صعوبة وصول الشاحنات الإنسانية.
وفي هذا السياق، نشرت صحيفة هآرتس الإسرائيلية تقريرًا مؤخرًا يشير إلى أن “المجاعة لم تعد خطرًا محتملاً، بل باتت واقعًا ملموسًا في بعض المناطق”، مشيرة إلى أن الأطفال هم أكثر الفئات تضررًا.
وأكدت منظمات دولية أن المساعدات الغذائية لا تصل إلا بنسبة ضئيلة للغاية، وأن إسرائيل ما زالت تفرض قيودًا شديدة على عبور الإمدادات، سواء عبر معبر كرم أبو سالم أو من خلال المعابر الشمالية.
أرقام صادمة: الجوع يفتك بالأطفال
وفقًا لبيانات برنامج الغذاء العالمي، فإن أكثر من 1.1 مليون فلسطيني في غزة يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، مع تحذيرات من أن أكثر من 30% من الأطفال دون سن الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد قد يهدد حياتهم.
وتشير تقارير إلى أن نحو 300 ألف شخص في شمال غزة باتوا يعيشون تحت خط المجاعة، مع محدودية القدرة على التنقل أو الوصول إلى الغذاء، في ظل العمليات العسكرية المستمرة والدمار الواسع للبنية التحتية.
هل تستخدم إسرائيل “سلاح الجوع”؟
يُتهم الجيش الإسرائيلي باستخدام “سلاح التجويع” كأداة في حربه على قطاع غزة، بهدف الضغط على المقاومة الفلسطينية. وقد عبّرت منظمات حقوقية، منها هيومن رايتس ووتش ومنظمة العفو الدولية، عن قلقها البالغ من استخدام إسرائيل لأساليب “عقاب جماعي” تصل إلى جرائم حرب.
وفي تصريحات لافتة، قال عضو سابق في المجلس الأمني الإسرائيلي لموقع “والا” العبري:
“نحن نعلم أن الوضع الغذائي في غزة كارثي، لكن هناك من يرى أن ذلك قد يخدم أهدافًا سياسية وأمنية.”
تحذيرات دولية… دون جدوى
رغم عشرات التحذيرات الصادرة عن الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، فإن الواقع الميداني لا يُظهر استجابة إسرائيلية كافية. كما فشلت الضغوط الدولية حتى الآن في ضمان تدفق آمن ومنتظم للمساعدات، في ظل تدهور الأوضاع اللوجستية والأمنية.
وقال المفوض الأممي للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث:
“الوضع في غزة يخرج عن السيطرة… نحن على شفا كارثة إنسانية شاملة.”
ختام: المجاعة كسلاح صامت
تبدو “حرب البطون الفارغة” واحدة من أخطر أدوات الصراع الجاري في غزة، حيث لا تحتاج إلى قصف أو رصاص، بل فقط إلى منع الغذاء والدواء. وفي ظل غياب حل سياسي وفعّال، فإن غزة مهددة بأزمة إنسانية غير مسبوقة، قد تترك ندوبًا عميقة في الضمير العالمي لعقود قادمة.
اكتشاف المزيد من رأي الأمة
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.