فن ومشاهير

خالد محمود يكتب: مليحة يعزز قوة الدراما المصرية

القاهرة: «رأي الأمة»

وتخشى إسرائيل دائما من تناول القضية الفلسطينية في عمل درامي مصري، لأنها تدرك مدى خطورتها والأثر الكبير الذي يمكن أن تحدثه – باعتبارها إحدى أهم وسائل القوة الناعمة – في التوعية بمخططاتها الشريرة، مما يثير وتحفيز الفكر ضد تضليله وتزييفه للحقائق، خاصة لدى الأجيال الجديدة التي قد لا تعرف تاريخ القضية جيداً. الذي يرويه.

لا شك أن ظهور عمل درامي كبير مثل مسلسل مليحة يأتي في المواسم الأكثر مشاهدة وفي هذا الوقت المهم لعرض القضية الفلسطينية بكافة جوانبها، وكأنها تحكي القصة منذ البداية وحتى اليوم، و استذكار النكبة والمأساة، وتقديمها بشكل إنساني، كخطوة مهمة ورؤية ذكية ملامسة للواقع. ويكشف عن تورط المنظمات الدولية في الماضي في فرض حق غير قانوني على الكيان الصهيوني، وتورطها في الحاضر، مما شكل صدمة كبيرة للجانب الإسرائيلي، ودفعت وسائل إعلامه لمهاجمته مبكرا خوفا من ملاحقته. تفاصيلها وتأثيرها المحتمل على الرأي العام بسبب تغطيتها لجوانب من المعاناة الفلسطينية.

المسلسل من تأليف رشا عزت الجزار وإخراج عمرو عرفة، واعتمد على أهمية موضوعه وفكرته، مما مهد لها الطريق لقول الحقيقة، حتى أنها شعرت بالانجذاب إليه منذ اللحظة الأولى، كما لفتت الأنظار بمشاهد مؤثرة أحزنت القلوب بسبب تهجير الفلسطينيين من ديارهم وأراضيهم، وما تقدمه من رؤية تاريخية من خلال لقطات “بالأبيض والأسود”. » للفلسطينيين المهجرين منذ عشرينيات القرن الماضي وحتى الآن، استُخدم فيه مئات الممثلين الذين اتحدت مشاعرهم مع المأساة.

ويقدم المسلسل في مقدمة كل حلقة جانبا وثائقيا على شكل حوار بين جد (علق عليه الفنان سامي مغاوري بصوته) على أسئلة الحفيد، فيما تنقل الصورة مشاهد بالأبيض والأسود من المسلسل. رحلة الشتات الفلسطيني منذ بداية القرن الماضي، وقرار عصبة الأمم بوضع فلسطين تحت الانتداب البريطاني، والذي تضمن دعوة العالم إلى الالتزام بوعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين.

يتناول المسلسل قصة الشابة الفلسطينية “مليحة” التي نزحت مع عائلتها في طفولتها إلى ليبيا خلال الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000 بعد أن دمر الاحتلال منزلهم. ومع اندلاع الحرب في ليبيا، يتوجهون إلى مصر قبل أن يعودوا ليواجهوا العديد من التحديات من أجل استعادة أرضهم.

وربط المسلسل بين انتفاضة الأقصى في أيلول/سبتمبر 2000 والتهجير الذي شهده الشعب الفلسطيني وما زال يشهده، وكأنه يعطي رسالة ذات مؤشرات تاريخية من خلال صورة درامية وموثقة ومؤثرة وكاشفة.

وتطرقت الحلقة الأولى من المسلسل إلى الرمز الفلسطيني الشهير المتمثل بـ”مفتاح البيت” الذي ظهر على جدار منزل مليحة، والذي يستخدمه الشعب الفلسطيني للتعبير عن حقه في العودة إلى وطنه ودياره، بينما الحلقة الثانية وشهدت الحلقة استشهاد والدي مليحة “جنين وعمار” بعد مقتلهما. وشنت عصابة مسلحة مداهمة، ونجحت قوات حرس الحدود المصرية بقيادة المقدم أدهم “دياب”، في القبض على إرهابي مسلح قام بزرع قنبلة داخل الشاحنة التي تقل نازحين من ليبيا.

لجأ المخرج وكاتب السيناريو إلى أسلوب سردي شيق ورشيق لحالة وطنية وأحداث اجتماعية متتالية دون مبالغة، وصورة واقعية ترصد وتهمس وتحفز الفكر وتؤجج المشاعر، حيث يرويان القصة مشهدا بعد مشهد. يبدأ ضابط الجيش أدهم بتوديع أسرته استعدادًا لسفره إلى العريش التي تم نقله إليها مؤخرًا، بينما يحدث انفجار. وكان لها صدى في المنطقة التي تعيش فيها الفتاة الفلسطينية مليحة، التي هربت مع عائلتها إلى ليبيا منذ الانتفاضة.

نزحت أهالي الحي بعد وقوع الانفجار الكبير، وقرروا الانتقال إلى مصر. يصعد معهم إرهابي إلى الحافلة ويضع متفجرات. يكتشفه الضابط أدهم قبل أن تنفجر الحافلة وينقذ الجميع في مشهد مؤثر يمكنك بناء خيط مهم حول كيفية إقامة القضية في قلب مصر، وينجح أدهم في إيقاف… الهجوم الإرهابي على الحدود، استشهاد مجموعة من الجنود، ونقل أدهم إلى المستشفى بعد إنقاذ جد مليحة أبو عمار.

يتعافى الجد ويطلب من زوجته العودة إلى فلسطين، ويخبر أبو عمار وأدهم عن مساعدة الشيخ سالم له في سيناء.
هذه المشاهد تصور بوضوح التحديات الكبيرة التي تواجه القضية ومصر، بدءا من مشهد 2012، بين الحدود الغربية وسيناء ووسط العاصمة.

كما أن الاستعانة بممثلين عرب لبطولة المسلسل إلى جانب ميرفت أمين، ودياب، وأشرف زكي، وحنان سليمان، وأمير المصري، ومروة أنور أضاف المزيد من المصداقية في نقل القضية ومعاناة أهلها إلى المشاهد، كما شاهدنا عدداً. لفنانين فلسطينيين من بينهم سيرين خاص. إنها تجسد شخصية مليحة، وكان اختياراً موفقاً، ومن بينهم ديانا رحمة، ومروان عايش، ورحاب الشنات، وأنور خليل.

ويعكس تقديم المسلسل بلغات متعددة، بما فيها العبرية، الاتجاه الهادف إلى إحداث تأثير أوسع وأعمق، وهو ما يجسد الدور المؤثر للدراما في تشكيل الرأي العام وإيصال الرسائل السياسية والاجتماعية.

وتعكس هذه الخطوة قوة الدراما المصرية وقدرتها على التأثير في الرأي العام، وتعزز ضرورة احتضان القضايا الإنسانية والسياسية عبر التليفزيون، خاصة في ظل التطورات الحالية المستمرة منذ أكثر من 150 يومًا. وكان تفاعل الجمهور مع المسلسل قوياً، مما يدل على استعداد الجماهير العربية لاستقباله… هذا العمل والتفاعل معه ملحوظ، فيما يعكس هذا التفاعل رغبة الجيل الجديد في فهم ما حدث وما زال يحدث.

للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .

مصدر المعلومات والصور: youm7

 

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من رأي الأمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading