مقالات

يوميات في السيرة النبوية

انبهر العالم برسول الله صلى الله عليه وسلم في تعامله مع أعدائه وهو متمكّن منهم، فلم يظهر في التاريخ أرحم منه مع أعدائه رغم ما كان يلاقيه منهم من الأذى؛ إلا أنه كان مثالا للأخلاق الحسنه متمثلا لشعار العفو عند المقدرة..

فالأخلاق الحسنة ميراث الصالحين والمؤمنين (إنما مكارم الأخلاق ميراث المؤمن). رواه أبو داود، ورسول الله صلى الله عليه وسلم متمسك بها داعٍ إليها ومتممٌ لها (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) ويقول تعالى عن أخلاقه ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4] ويقول تعالى ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21].

ماذا أقول وماذا أحدث عن رجل هدى الله به الحيارى وأرشد به الضلال؟

ماذا أقول وبأي لغة أتحدث وبأي عبارات أتلفظ عن إمام البشرية؟ قدوة الإنسانية…. يمازح الصغير فيقول له: يا أبا عمير ما فعل النغير…

ويجلس مع الفقير والعبد الأسود والأمه.

يخدم أهله ويقوم في أعماله الخاصة فيخصف نعله ويخيط ثيابه ويلبي الدعوة وينصح لهذه الأمة شعاره الرحمة بها والحرص عليها…

تقول عائشة رضي الله عنها ورب إبراهيم. غضبانة ًمنه. فيبتسم لها صلى الله عليه وسلم.

ويشده الإعرابي ويقول له: أعطني من مال الله الذي أعطاك ليس من مالك ولا مال أبيك!!! فيعطـيه صلى الله عليه وسلم ولم يعنّف عليه.

عندما قدم الرسول صلى الله عليه وسلم مهاجراً للمدينة لم ينسَ أصحابه المهاجرين رضي الله عنهم بل آخى بينهم وبين الأنصار ولم ينسى فضل الأنصار وتكرمهم وإحسانهم للمسلمين ورد لهم الجميل بأحسنه.. فقال: (استوصوا بالأنصار خيراً) وقال صلى الله عليه وسلم : (آية الإيمان حب الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار).

وقال مخاطباً الناس: (أن الأنصار قضوا الذي عليهم، وبقي الذي عليكم فأحسنوا إلى محسنهم، وتجاوزا عن مسيئهم).

ومن تعامله مع صاحبه وتقديره له أنه لما دخل الرسول صلى الله عليه وسلم المسجد يوم الفتح أتى أبو بكر بوالده أبي قحافة يقوده فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (هلا تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه!!) قال أبو بكر: يا رسول الله هو أحق أن يمشى إليك من أن تمشى إليه.

وأيضاً من تعامله صلى الله عليه وسلم ما فعله مع حاطب بن أبي بلتعة عندما كتب كتاباً إلى أهل مكة يخبرهم بتحرك الجيش الإسلامي لفتح مكة فقال عمر ائذن لي يا رسول الله أضرب عنقه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (قد شهد بدراً، وما يدريك لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد وجبت لكم الجنة، أو غفرت لكم) فدمعت عينا عمر رضي الله عنه وقال: الله ورسوله أعلم.
ومن حسن تعامله صلى الله عليه وسلم أنه من صنع له معروفاً دعا له وجازاه بالإحسان، فعندما وضع ابن عباس وضوء النبي صلى الله عليه وسلم دعاء له فقال: (اللهم فقه في الدين، وعلمه التأويل).

ومن تعامله صلى الله عليه وسلم عندما قدم المدينة أنه وضع ميثاقاً في غاية الدقة، وحسن السياسة.

فألف بين سكان المدينة من الأنصار والمهاجرين وجيرانهم من طوائف اليهود وربط بينهم فأصبحوا به كتله واحدة يستطيعون أن يقفوا في وجه كل من يريد أهل المدينة بسوء.

وثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم أنه قال لرسولي مسيلمة الكذاب لما قالا عن مسيلمة: إنه رسول الله: (لولا أن الرسل لا تُقتل لقتلتكما).

وقال صلى الله عليه وسلم : (من كان بينه وبين قوم عهد فلا يُحلَّن عقداً، ولا يشُدنه حتى أمدُهُ، أو يَنْبِذ إليهم على سواء).

ولما أسرت قريش حذيفة بن اليمان وأباه أطلقوهما، وعاهدوهما أن لا يقاتلاهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا خارجين إلى بدر، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم (انصرفا، نفي لهم بعهدهم، ونستعين الله عليهم).

• وفي معركة بدر عندما أسر المسلمون سبعين رجلاً من المشركين قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: (استوصوا بالأسارى خيراً) فانظر إلى هذا التعامل مع أعداء محاربين يريدون أن يقضوا على الإسلام والمسلمين ويقول للصحابة: (استوصوا بالأسارى خيراً).

وعندما أتى عمير بن وهب المدينة بعد معركة بدر متفقاً مع صفوان بن أمية على أن يتكفل صفوان بدينه وعياله وأن يقتل هو الرسول صلى الله عليه وسلم . فعلم الرسول صلى الله عليه وسلم بالوحي من عند الله.. فكيف تعامل معه الرسول قربه إليه وقال: أدن يا عمير وأخبره بخبره فأسلم عمير مباشرة.

وأيضا ما فعله فضالة بن عمير بن الملوح أنه فكر في قتل النبي صلى الله عليه وسلم وهو يطوف فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على صدره فسكن قلب فضالة وحسن إسلامه.
الألوكة

✍️ أسعد الله أوقاتكم بطاعته

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من رأي الأمة

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading