تقاريرتقنية

هواوي تطلق برنامج تعليم الذكاء الاصطناعي في الجامعات المصرية: 25 ألف طالب في قلب الثورة الرقمية

جهاد علي

في خطوة نوعية لتعزيز التحول الرقمي وبناء جيل جديد من الكفاءات التكنولوجية، أطلقت شركة هواوي العالمية برنامجًا تعليميًا شاملًا في مجال الذكاء الاصطناعي، بالتعاون مع ثلاث جامعات مصرية بارزة: جامعة الأزهر، جامعة 6 أكتوبر، والجامعة المصرية الروسية. وقد استفاد من المبادرة نحو 25 ألف طالب مصري، ما يجعلها واحدة من أكبر المبادرات التعليمية التقنية في تاريخ التعليم العالي المصري.

البرنامج، الذي يأتي ضمن استراتيجية “Huawei Talent Ecosystem”، يهدف إلى سد الفجوة بين التعليم الأكاديمي واحتياجات سوق العمل، من خلال تزويد الطلاب بالمعرفة العملية والمهارات الحديثة المطلوبة في الثورة الصناعية الرابعة.

خلفية التعاون

يأتي هذا التعاون بين هواوي والجامعات المصرية في إطار التزام الشركة الصينية بتوسيع حضورها في الأسواق النامية، وخاصة في إفريقيا والشرق الأوسط، من خلال الاستثمار في تنمية الكوادر البشرية.

وتعمل هواوي مع مؤسسات تعليمية مصرية منذ سنوات عبر برنامج “Huawei ICT Academy”، إلا أن هذه المبادرة الأخيرة هي الأكبر من نوعها، من حيث عدد الطلاب والمجالات التقنية المغطاة، خاصة تقنيات الذكاء الاصطناعي، تعلم الآلة، الحوسبة السحابية، والبيانات الضخمة.

أهداف البرنامج

يستهدف برنامج هواوي تحقيق جملة من الأهداف الاستراتيجية، من أبرزها:

  1. تمكين الطلاب المصريين من فهم وتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي الحديثة في سياقات عملية.

  2. إعداد كوادر وطنية تنافس على مستوى الأسواق المحلية والإقليمية في قطاعات التكنولوجيا.

  3. تعزيز التعاون بين القطاع الخاص والجامعات لتطوير مناهج تواكب متطلبات العصر.

  4. بناء مجتمع معرفي قادر على دعم خطط التحول الرقمي في مصر وفقًا لرؤية 2030.

مكونات البرنامج التدريبي

يتكون البرنامج من عدة مراحل تعليمية وتطبيقية متكاملة، تشمل:

  • دورات مكثفة عبر الإنترنت يقدمها خبراء معتمدون من هواوي في مجالات الذكاء الاصطناعي.

  • اختبارات وشهادات دولية معتمدة من الشركة، تتيح للطلاب فرصًا حقيقية للعمل محليًا وعالميًا.

  • ورش عمل تطبيقية داخل المعامل الجامعية، باستخدام أدوات تطوير حقيقية.

  • مسابقات Hackathon للتحدي والابتكار بين الطلاب في حل مشكلات واقعية باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.

تصريحات المسؤولين

قال الدكتور شريف كمال، نائب رئيس جامعة الأزهر لشؤون التعليم والطلاب:

“إن هذه المبادرة تعزز قدرات طلابنا وتفتح أمامهم أبواب المستقبل، خاصة في ظل تطور سوق العمل نحو الرقمنة. نحن نسعى لجعل طلاب الأزهر في طليعة الثورة التكنولوجية”.

من جانبه، صرّح ماو شينغوي، المدير الإقليمي لهواوي مصر:

“نحن في هواوي نؤمن بأهمية بناء قاعدة بشرية متخصصة في التكنولوجيا. مصر تملك مقومات بشرية ممتازة، ونحن فخورون بأن نكون جزءًا من هذا التحول المعرفي”.

أما الدكتور خالد شعبان، عميد كلية الحاسبات بجامعة 6 أكتوبر، فقال:

“البرنامج يعد نموذجًا ناجحًا للتكامل بين المعرفة النظرية والتطبيق العملي، وقد لمسنا تغيرًا إيجابيًا في مستوى طلابنا بعد الالتحاق به”.

تأثير مباشر على الطلاب

كشف استطلاع أولي أجرته الجامعات الثلاث أن نحو 87٪ من الطلاب المشاركين شعروا بأن البرنامج غيّر نظرتهم لمسارهم المهني، فيما عبّر 65٪ عن رغبتهم في العمل بمجال الذكاء الاصطناعي فور التخرج.

وقد أكد عدد من الطلاب أن التدريب وفر لهم فرصًا حقيقية للعمل الحر (Freelancing) أو العمل عن بعد لشركات خارجية، بفضل الشهادات الاحترافية والتدريب العملي الذي تلقوه.

دعم الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي

تأتي هذه المبادرة في توقيت مهم يتزامن مع تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي 2025–2030 التي أطلقتها وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. وتهدف هذه الاستراتيجية إلى:

  • إدراج الذكاء الاصطناعي ضمن مناهج الجامعات والمدارس الفنية.

  • تدريب أكثر من 100 ألف شاب سنويًا على تقنيات الذكاء الاصطناعي.

  • إنشاء مراكز تميز في مجالات تحليل البيانات والتعلم الآلي.

وتُعد مبادرة هواوي نموذجًا عمليًا لما يمكن أن يحدث حين تتكاتف الجهود بين القطاع الخاص والمؤسسات الأكاديمية والدولة.

التحديات المتوقعة

رغم الإشادة الواسعة بالبرنامج، لا يخلو من بعض التحديات التي قد تؤثر على استمراريته وتوسعه:

  • الحاجة لتحديث البنية التحتية في بعض الجامعات لتتماشى مع متطلبات التدريب العملي.

  • ضعف الإلمام المبدئي لدى بعض الطلاب بالمفاهيم التقنية الحديثة.

  • الحاجة لدعم حكومي مالي وتقني لتوسيع نطاق التدريب ليشمل مزيدًا من الجامعات.

وقد أكدت هواوي أنها بصدد توقيع اتفاقيات إضافية مع جامعات أخرى في الدلتا والصعيد قريبًا.

نحو المستقبل

من المتوقع أن تؤسس هذه المبادرة لجيل جديد من المطورين المصريين القادرين على المنافسة في أسواق البرمجة وتحليل البيانات والذكاء الاصطناعي، محليًا ودوليًا.

كما يجري الإعداد حاليًا لإطلاق منصة مصرية مفتوحة المصدر للتعلم الآلي بمساهمة من طلاب البرنامج، ما قد يشكّل نقلة نوعية في صناعة البرمجيات الوطنية.

زر الذهاب إلى الأعلى