خطة مصر الوطنية للذكاء الاصطناعي 2025-2030: خارطة طريق نحو اقتصاد رقمي شامل

جهاد على
في خطوة تعكس إدراك الدولة المصرية لأهمية الذكاء الاصطناعي كمحرك أساسي للتحول الرقمي والنمو الاقتصادي، ترأس الدكتور عمرو طلعت وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، اجتماعًا مهمًا للمجلس الوطني للذكاء الاصطناعي لمتابعة تنفيذ استراتيجية مصر الوطنية للذكاء الاصطناعي 2025-2030.
هذه الاستراتيجية تمثل خارطة طريق طموحة، تهدف إلى توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات الحيوية بالدولة، وتعزيز القدرات الوطنية لمواكبة الثورة الصناعية الرابعة، وجعل مصر مركزًا إقليميًا لريادة الذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعي: أولوية حكومية ومحور وطني
أصبحت تقنيات الذكاء الاصطناعي ضرورة وليست ترفًا، خاصة بعد تفجر تطبيقاته في السنوات الأخيرة. الحكومة المصرية، عبر وزارة الاتصالات والمجلس الوطني للذكاء الاصطناعي، وضعت هذا المجال في صدارة أولوياتها. فقد أكد الدكتور عمرو طلعت أن الذكاء الاصطناعي سيكون له دور محوري في تحسين جودة حياة المواطن المصري، وزيادة كفاءة الخدمات، ودعم اتخاذ القرار، وتعزيز الإنتاجية.
وخلال الاجتماع الأخير، تم استعراض ما تم إنجازه منذ تدشين الاستراتيجية، إضافة إلى التحديات التي واجهت التطبيق، والخطوات القادمة لتنفيذ الخطة وفق جدول زمني دقيق.
مرتكزات استراتيجية الذكاء الاصطناعي المصرية
تقوم الخطة الوطنية على عدة محاور رئيسية، تمثل أعمدة التحول الذكي في البلاد، أبرزها:
-
تنمية رأس المال البشري:
-
تدريب وتأهيل الكوادر الشابة والموظفين الحكوميين على تقنيات الذكاء الاصطناعي.
-
إدراج تخصصات الذكاء الاصطناعي في مناهج الجامعات والمعاهد الفنية.
-
توفير منح تعليمية بالتعاون مع كبرى الشركات العالمية مثل Google وHuawei.
-
-
تطوير البنية التحتية الرقمية:
-
بناء مراكز بيانات عملاقة لتخزين وتحليل البيانات الضخمة.
-
تحديث شبكات الإنترنت لتكون مؤهلة لتشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي الفوري.
-
-
حوكمة البيانات والضوابط التشريعية:
-
إصدار قوانين تنظيمية لحماية البيانات وضمان الاستخدام الأخلاقي للتقنيات.
-
إنشاء المجلس الوطني للذكاء الاصطناعي كجهة تنظيمية واستشارية دائمة.
-
-
تشجيع الابتكار وريادة الأعمال:
-
دعم الشركات الناشئة العاملة في مجالات الذكاء الاصطناعي.
-
إطلاق حاضنات ومسرّعات أعمال متخصصة في التكنولوجيا المتقدمة.
-
-
استخدام الذكاء الاصطناعي في المجالات الحيوية:
-
الصحة: التنبؤ بالأوبئة، التشخيص الذكي للأمراض.
-
الزراعة: إدارة الموارد المائية، تحليل الإنتاج، تنبؤ الطقس.
-
النقل: أنظمة المرور الذكية، المركبات ذاتية القيادة.
-
الطاقة: تحسين كفاءة توزيع الكهرباء والغاز.
-
إنجازات حقيقية على الأرض
خلال الاجتماع، تم عرض مجموعة من النجاحات التي تحققت حتى الآن، من أبرزها:
-
تدريب أكثر من 45 ألف شاب على الذكاء الاصطناعي وعلوم البيانات، ضمن مبادرات مثل “مستقبلنا رقمي” و”بناة مصر الرقمية”.
-
توقيع بروتوكولات تعاون مع 13 جامعة مصرية لتأسيس كليات وبرامج متخصصة في الذكاء الاصطناعي.
-
إطلاق بوابة مصر للذكاء الاصطناعي، كأول منصة رقمية متخصصة لعرض مشروعات الدولة ومبادرات القطاع الخاص في المجال.
-
إنشاء أول مركز بحثي حكومي للذكاء الاصطناعي التطبيقي بالتعاون مع هيئة تنمية صناعة تكنولوجيا المعلومات (إيتيدا).
تحديات تعيق التطبيق الكامل
رغم النجاحات، لا تخلو الخطة من صعوبات، وقد ناقش الاجتماع عددًا من التحديات مثل:
-
ضعف التمويل المخصص للمشروعات البحثية في الجامعات والمؤسسات.
-
نقص الكوادر المتخصصة وخاصة في الجهات الحكومية.
-
ضعف ثقافة الذكاء الاصطناعي في قطاعات مثل التعليم والصناعة.
-
الحاجة إلى مزيد من التشريعات المنظمة.
وقد أوصى الحاضرون بضرورة:
-
توسيع التعاون الدولي لجذب استثمارات وشراكات جديدة.
-
تسريع إصدار قانون تنظيم الذكاء الاصطناعي في مصر.
-
إطلاق برامج توعية مجتمعية حول فوائد واستخدامات الذكاء الاصطناعي.
الذكاء الاصطناعي والاقتصاد المصري
لا شك أن الاقتصاد المصري سيستفيد بشكل مباشر من تطبيق هذه الاستراتيجية، إذ يُتوقع أن يُسهم الذكاء الاصطناعي بنسبة تصل إلى 7.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030، وفق تقديرات البنك الدولي. كما سيساهم في:
-
خلق وظائف جديدة في البرمجة وتحليل البيانات وتطوير الحلول التقنية.
-
تحسين بيئة الاستثمار من خلال تسريع الإجراءات وتقليل التكاليف.
-
رفع كفاءة الخدمات الحكومية مثل المرور، الصحة، التعليم، العدالة.
مصر في قلب المشهد التكنولوجي الإقليمي
تسعى مصر لأن تكون مركزًا إقليميًا للذكاء الاصطناعي في إفريقيا والشرق الأوسط، مستفيدة من:
-
موقعها الجغرافي.
-
البنية التحتية المتطورة في العاصمة الإدارية الجديدة.
-
كوادرها الشابة ذات الكفاءة العالية.
-
الاستقرار السياسي النسبي مقارنة بدول الجوار.
وقد بدأت مصر بالفعل في توقيع اتفاقيات تعاون مع دول مثل الإمارات، السعودية، سنغافورة، وكوريا الجنوبية في مجال الذكاء الاصطناعي، إلى جانب التنسيق مع المنظمات الدولية مثل اليونسكو والبنك الدولي لدعم الخطة التنفيذية.
مشاركة القطاع الخاص… مفتاح النجاح
لا يمكن تحقيق أهداف استراتيجية الذكاء الاصطناعي دون مشاركة فعالة من القطاع الخاص. وقد أطلقت الحكومة عدة مبادرات لتشجيع هذه الشراكة، مثل:
-
برنامج “InnovEgypt AI” لتمويل الشركات الناشئة.
-
مسابقات الابتكار الحكومي باستخدام الذكاء الاصطناعي.
-
دعم الشركات في الحصول على تراخيص وأراضٍ بأسعار تنافسية.
كما قامت شركات مثل IBM وMicrosoft وGoogle وHuawei بإنشاء مراكز تطوير وبحث في مصر، ما يُسهم في نقل التكنولوجيا وتدريب الشباب على أحدث التطبيقات العالمية.