مصر

ما حكم إعطاء الأقارب والجيران من النذر المطلق؟ دار الإفتاء تجيب

وردت دار الإفتاء المصرية على موقعها الرسمي سؤالا كان مضمونه: “ما حكم إعطاء النذور المطلقة للأقارب والجيران؟ “حيث يكون رجل نذر أن يضحي شيئا لله عز وجل، ولم يحدده للفقراء والمساكين، ولم يحدد مكانا، ولم يقصد شيئا من ذلك، بل كان مطلقا”. فهل يجوز له لفظاً وعمداً أن يعطي بعضاً منه لجيرانه وأقاربه؟ مع العلم أن بعضهم محتاج، والبعض الآخر ليس كذلك.

وجاء رد دار الإفتاء كالتالي:

“ما دام النذر الذي نذره الرجل المذكور لم يكن خاصا بالفقراء والمساكين، ولم يكن خاصا بمكان، ولم يقصد شيئا من ذلك، بل كان نذرا مطلقا، ​​قولا ونية”. فلا يجوز إعطاء شيء منه للأقارب أو الجيران الذين لا حاجة لهم، بل يجوز لمن كان منهم. من الفقراء أو المساكين، لأن النذر من القربة والصدقة، والفقراء والمساكين هم أهل القربة والصدقة، وليس الأغنياء».

حكم الوفاء بالنذر

وقالت دار الإفتاء إنه من المقرر شرعا أن يفي المكلف بنذر الطاعة إذا كان قادرا على ذلك. لقول الله تعالى: “وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله به عليم”. [البقرة: 270]ويقول الله تعالى: “فلينتهوا عن ذنوبهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق”. [الحج: 29]ويقول الله تعالى في بيان صفات الصالحين: “يوفون بالنذور ويخافون يوما كان شره مستشريا”. [الإِنسان: 7].

وعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يطيع الله فليطعه، فمن نذر أن يعصيه فلا يعصه». أخرجه البخاري في «صحيحه».

وعن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: «يا رسول الله، إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام». فقال صلى الله عليه وآله وسلم: «فأوف بنذرك». متفق عليه.

قال الإمام ابن بطال في “”شرح صحيح البخاري”” (6/ 156-157، ط مكتبة الرشد): [النذر في الطاعة واجب الوفاء به عند جماعة الفقهاء لمَن قدر عليه، وإن كانت تلك الطاعة قبل النذر غير لازمة له فنذره لها قد أوجبها عليه؛ لأنه ألزمها نفسه لله تعالى، فكل مَن ألزم نفسه شيئًا لله تعالى؛ فقد تعيّن عليه فرض الأداء فيه، وقد ذمّ الله تعالى مَن أوجب على نفسه شيئًا ولم يَفِ به؛ قال تعالى: ﴿وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ﴾ [الحديد: 27]]آه.

ولا خلاف في أن نذر الطاعة يجب الوفاء به وليس له كفارة، واتفقوا على أن من نذر ذنبا لا يجوز له الوفاء به. أوه؛ كما قال الإمام ابن القطان في “الإقناع في مسائل الإجماع” (1/375 ط دار الفاروق).

وحكم التبرع للأقارب والجيران هو النذر المطلق

وأوضحت دار الإفتاء أن الفقهاء اتفقوا على أنه إذا كان النذر مطلقا دون تعيين أحد من الفقراء أو المساكين أو غيرهم، ولم يخصص بمكان؛ ولا يجوز صرف شيء منه على الأغنياء، ولو كانوا جيران المتبرع أو أقاربه، إلا إذا كان بعضهم فقيرا أو محتاجا، فيجوز إعطاؤه لهم. لأن النذر يرجع إلى القربة والصدقة، والفقراء والمحتاجون هم الذين يتلقون القربة والصدقة، وليس الأغنياء.

قال العلامة زين الدين بن نجم الحنفي في “”البحر الرائق”” (2/321 ط دار الكتاب الإسلامي) : [مصرف النذر: الفقراء، وقد وجد المصرف، ولا يجوز أن يُصرف ذلك لغنيٍ غير محتاج، ولا لشريف منصب؛ لأنه لا يحل له الأخذ ما لم يكن محتاجًا أو فقيرًا، ولا لذي النسب لأجل نسبه ما لم يكن فقيرًا، ولا لذي علم لأجل علمه ما لم يكن فقيرًا، ولم يثبت في الشرع جواز الصرف للأغنياء] أوه.

وقال أيضاً (3/76) : [كذا لا يجوز للأغنياء؛ لأن دم النذر دم صدقة] أوه.

قال الشيخ عليش المالكي في “فتح العلي المالك” (1/207 ط دار المعرفة): [سئل سيدي أحمد الدرديري بما نصه: وهل يجوز لمَن نذر لله أو لوليٍّ شاةً الأكلُ منها وإطعام الغني أو لا، أو كيف الحال؟ فأجاب بما نصه: “الحمد لله، النذر إن عَيَّنَهُ للفقراء والمساكين بلفظه أو نيته؛ فليس له أن يأكل منه، وإن أطلق؛ جاز الأكل، وليس له أن يطعم منها الأغنياء، والله أعلم”، فتأمله] أوه.

قال الإمام الماوردي الشافعي في “الحاوي الكبير” (20/22-23 ط دار الفكر): [لو أطلق من نذرٍ نحره لهم: انصرف إلى الفقراء والمساكين دون الأغنياء؛ لاختصاصهم بالقرب، وجاز أن يُصرف في ستة أصنافٍ في مستحقي الزكاة: من الفقراء، والمساكين، وفي الرقاب، والغارمين، وفي سبيل الله، وابن السبيل، وسقط منهم صنفان: العاملون عليها، والمؤلفة قلوبهم] أوه.

قال شمس الدين ابن مفلح الحنبلي في “الفروع” (1/360 ط مؤسسة الرسالة): [ذكروا في صرف الوقف المنقطع روايةً: إلى المساكين، قالوا: لأنهم مصرفٌ للصدقاتِ وحقوقِ الله مِن الكفارات ونحوها، فإذا وُجِدَ صدقةٌ غيرُ معيَّنةِ المصرف: انصرفت إليهم؛ كما لو نذر صدقة مطلقة، وعلَّلوا رواية صرفه إلى فقراء قرابته: بأنهم أهل الصدقات دون الأغنياء] أوه.

وقال أبو السادات البهوتي الحنبلي في “”كشاف القناع”” (6/ 278 ط دار الكتب العلمية) : [(وَمَصْرِفُهُ) أي النذر المطلق (للمساكين؛ كصدقةٍ مطلقة)، وتقدم في الحيض: أنَّ النذر المطلق يُجزئ لمسكينٍ واحدٍ] أوه.

وعليه، وفي سياق السؤال: ما دام النذر الذي نذره الرجل المذكور لم يكن خاصاً بالفقراء والمساكين، ولم يختص بمكان، ولم يقصد شيئاً من ذلك، بل كان كان نذراً مطلقاً؛ لفظيا وباهتمام؛ ولا يجوز إعطاء شيء منه للأقارب أو الجيران الذين لا حاجة لهم، ولكن يجوز إعطاءه لمن هم فقراء أو مساكين.

للمزيد : تابعنا هنا ، وللتواصل الاجتماعي تابعنا علي فيسبوك وتويتر .

المصدر: اليوم السابع

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى